بسم الله الذي
يرعاني ويرعاكم
الحمد لله ، دعى المحبين إلى بابه ، وأعد الجنة نزلا
لأحبابه . أحمده سبحانه ، حمدا يليق بجنابه ، وينزِه جلالَه وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له ، شهادة أرجو بها أن أفوز بجنته ، وأن أنجو من عذابه ، فأتلذذ
بالنظر إلى وجهه الكريم ، حين يكشف عن حجابه والحمد لله المتفضِّل بالنِّعم، وكاشف
الضرَّاء والنِّقم، الحمد الله الذي أتم علينا رمضان وأتم لنا صيامه وقيامه جعلني
الله وياكم من المقبولين وأشهد أن محمد عبده ورسوله
لقد أنتهى رمضان شهر
الرحمة والغفران ولكن لم تنتهي الاعمال والطاعات لا شك أن المسلم مطالب بالمداومة
على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس
ومن أجل هذه التزكية شُرعت
العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه، وبقدر تفريطه
يكون بُعده عن التزكية.
لذا كان أهل الطاعات أرق قلوباً ، وأكثر صلاحاً ،
وأهل المعاصي أغلظ قلوباً ، وأشد فساداً.
والصوم من تلك العبادات التي
تطهِّر القلوب من أدرانها، وتشفيها من أمراضها.. لذلك فإن شهر رمضان موسماً
للمراجعة، وأيامه طهارة للقلوب.
وتلك فائدة عظيمة يجنيها الصائم من صومه،
ليخرج من صومه بقلب جديد ، وحالة أخرى.
وصيام الستة من شوال بعد رمضان،
فرصة من تلك الفرص الغالية، بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من
صيام رمضان.
وقد أرشد أمته إلى فضل الست من شوال، وحثهم بأسلوب يرغِّب في
صيام هذه الأيام..
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : { من صام رمضان ثم أتبعه
ستاً من شوال كان كصيام الدهر } [رواه مسلم وغيره].
قال الإمام النووي رحمه
الله: قال العلماء: ( وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان
بعشرة أشهر، والستة بشهرين.. ).
ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك: (
قيل: صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضاً ).
وصيام هذه الست بعض رمضان دليل على شكر الصائم لربه تعالى على توفيقه لصيام
رمضان، وزيادة في الخير، كما أن صيامها دليل على حب الطاعات، ورغبة في المواصلة في
طريق الصالحات.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ( فأما مقابلة نعمة التوفيق
لصيام شهر رمضان بارتكاب المعاصي بعده، فهو من فعل من بدل نعمة الله كفراً ).
وليس للطاعات موسماً معيناً، ثم إذا انقضى هذا الموسم عاد الإنسان إلى
المعاصي!
بل إن موسم الطاعات يستمر مع العبد في حياته كلها، ولا ينقضي حتى
يدخل العبد قبره..
قيل لبشر الحافي رحمه الله: إن قوماً يتعبدون ويجتهدون
في رمضان. فقال: ( بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقاً إلا في شهر رمضان، إن الصالح
الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها ).
وإن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة
على قبول صوم رمضان، فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده، كما
قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان ذلك
علامة على قبول الحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة
رد الحسنة وعدم قبولها.
إن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب، كما
سبق ذكره، وأن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر، وهو يوم الجوائز فيكون
معاودة الصيام بعد الفطر شكراً لهذه النعمة، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب، كان
النبي يقوم حتى تتورّم قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك
وما تأخّر؟! فبقول: { أفلا أكون عبداً شكورا }.
وقد أمر الله سبحانه وتعالى
عباده بشكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره، وغير ذلك من أنواع شكره، فقال: (
وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) [البقرة:185] فمن جملة شكر العبد لربه على توفيقه
لصيام رمضان، وإعانته عليه، ومغفرة ذنوبه أن يصوم له شكراً عقيب ذلك.
أعتذر
على الإطاله ولكن احببت تذكيركم بهذا الفضل العظيم والذي ينبغي علينا بعدم تركه
وهذا من محبتي لكم ..
وأحببت تذكير المرأة بإن يجب عليها أولاً بقضاء
مانقصها من رمضان
إذا أرادت الأجر الوارد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : "
مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ
الدَّهْرِ ." فعليها أن تتمّ صيام رمضان أولا ثم تتبعه بست من شوال لينطبق عليها
الحديث وتنال الأجر المذكور فيه .
أمّا من جهة الجواز فإنه يجوز لها أن تؤخرّ
القضاء بحيث تتمكن منه قبل دخول رمضان التالي وبالله التوفيق
إلهنا قد علمنا
أنا عن الدنيا راحلون، وللأهل وللأحباب مفارقون، ويوم القيامة مبعوثون، وبأعمالنا
مجزيون، وعلى تفريطنا نادمون، اللهم فوفقنا للاستدراك قبل الفوات، وللتوبة قبل
الممات، وارزقنا عيشة هنية، وميتة سوية، ومرداً غير مخز ولا فاضح، واجعل خير
أعمارنا أواخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك، برحمتك يا أرحم
الراحمين!
وصلِّ اللهم على محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصلِّ اللهم
على محمد ما تعاقب ليل ونهار، وعلى آله وصحبه من المهاجرين والأنصار، وسلِّم
تسليماً كثيراً، برحمتك يا عزيز يا غفار!
جزاكم الله خير
أثابكم
الرحمن ،،، وزادكم من فضله
إسال الله العظيم رب العرش العظيم أن يتقبل
صيامنا وقيامنا وأعمالنا خالصه لوجه الكريم في رمضان ومابعد رمضان
اللهم
آآآآآآآآآمين
وكل شهر وأنتم إلى الرحمن أقرب
__________________