بسم الله الرحمن الرحيم
بشائر النصر لهذا الدين أي نعمة عظيمة تنعم بها هذه الديار ؟
وأي منحة جليلة يعيشها أهل هذه البلاد؟
إنها نعمة الإسلام وأكرم بها من نعمة ، إنها نعمة الالتزام بهذا الدين وأعظم به من منحة ..
إن دين الإسلام هو الدين الحق الذي كتب الله جل جلاله له البقاء ، وقضاء وقدر سبحانه أن الله ناصر دينه ، ومعل كلمته ، مهما طال الزمان أو قصر ، ومهما تكالب الأعداء للفتك به وبأهله فإن الدائرة على الكافرين
قال تعالى {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }
إذن المستقبل لهذا الدين ، والعزة لأهل هذا الدين ، والتمكين للمتمسكين بهذا الدين ، العاضين عليه بالنواجذ ، المهتدين بهديه ، المستنين بسنته ، المقتفين أثره ، السائرين على منهاجه قال جلاله في تجلية هذه الحقيقة الكبرى ، والنعمة العظمة
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزّالتائب الى اللهاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }وقال سبحانه {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}
وإن ديناً كتب الله له الظهور ، ولأهله النصر والتمكين في الأرض لابد وأن يستعلي ويهيمن ، وأن يصبح أهله أهل القيادة والسيادة ، فيملأ الأرض عدلا كما ملأت جورا ، وأن يحرروا الناس من عبودية المخلوقات إلى عبادة الله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، الذي { إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}
إن هذا الدين يحتاج إلى رجال ..
نعم رجال صادقين يعرفون حقيقته ..ويتمسكون بمعالمه ، ويثبتون عليه حتى يلقوا ربهم سبحانه ، ولا يهولنهم إرجاف المرجفين ، ووعيد المتسلطبن ، ولا يفتنهم انحراف الكثيرين ممن آثروا الحياة الدنيا على الدين ، واتبعوا سبيل غير المؤمنين ..لأنهم سألوا التاريخ ..واستنطقوا الأحداث الطويلة عبر سائر الأعصار وشتى الأمصار لتتجلى لهم تلك الحقيقة الناصعة ،أن هذا الدين قد حفظه الله تعالى ،وحقق لأهله العزة والتمكين والنصر المبين على سائر أعداء الدين ،مهما كانوا عليه من قلة في العدد ، وضعف في العُدد ، ومهما كان عليه أعداء الدين من كثرة العدد ، وقوة في العُدد ..
إن استقرار هذا المعنى في قلوب أهل الإيمان في هذا الزمان يبعد خواطر التشاؤم عن القلوب ، ويبعث على التفاؤل بتمكن الإسلام في القلوب ، وضرورة غلبته ، وظهوره وهيمنته على سائر الأمم والشعوب ، قال عليه الصلاة والسلام : ( ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار)
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن هذا الدين لا يترك بيت مدر ـ أي طين ـ ولا وبر إلا دخله ، بعز عزيز وذل ذليل)
ولقد بشر صلى الله عليه وسلم بانتصار المسلمين على اليهود والروم آخر الزمان وبفتح روما عاصمة الفاتيكان .. {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر
أيها المؤمنون :
إن هذا القرن المبارك ـ إن شاء الله ـ من قرون الظهور والغلبة للدين ، والعز والتمكين والنصر للمسلمين ، فلقد مضى عُشره مشتملا على أحداث ذات عبر ، وحاملا لبشائر بعد النذر ، تنبئ عن مستقبل للإسلام وهزائم منكرة لأعدائه المتربصين به الدوائر ، عليهم دائرة السوء ..فلقد ظهر خلال السنوات الماضية فشل الإلحاد ، وأعلن أهله إفلاسه على رؤوس الأشهاد ، وتلك والله خسارة الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ، ولقد تهاوت فيه عروش الطغاة الظلمة الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد وظلموا العباد فأخذهم الله على حين غرة ، وجعلهم لأمثالهم آية وعبرة وإن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته {إِنَّ رَبّالتائب الى الله لَبِالْمِرْصَادِ}
ومن العبر الظاهرة ودلائل قدرة الله الباهرة أن الإسلام والمسلمين يتآمر عليهم الأعداء من كل جهة ، ويتنادون عليهم من كل صوب ، تسخر في حربهم الأموال الطائلة ، وتحشد عليهم الجيوش الهائلة ، وتنظم المؤتمرات العالمية لكيفية القضاء عليهم والفتك بهم خاصة العلماء الربانيين والدعاة المخلصين فيكال لهؤلاء خاصة وللمسلمين عامة صنوفا من التعذيب والإعدام , ويكال لهم أنواع السب والشتم والاتهام ..
ومع ذلك كله ولله الحمد لا يزداد الإسلام إلا تمكنا من القلوب ، وتغلغلا في الشعوب ، وانتشارا في الأوطان ، ولا يزداد أهله إلا إقبالا عليه ورغبة فيه والتزاما به وجهادا من أجله ، وصدق الله العظيم إذ يقول {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ، لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}
فمع جهود أعداء الإسلام الجبارة لحرب الإسلام ، وكثرة مؤامراتهم ومؤتمراتهم على أهله على الدوام ، فإن الصحوة الإسلامية قد عمت الآفاق ، وغاضت ـ بحمد الله ـ أهل النفاق وذلك فضل الله جل جلاله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم
آلا إنها دعوة للثقة بوعد الله بالنصر المبين للإسلام والمسلمين ..
آلا إنها دعوة للاستقامة على الدين والدعوة إليه والدافع عنه وتسخير الطاقات والجهود من أجله ، وأن تكون حياتنا كلها فداء لهذا الدين ، وخدمة لهذا الدين فلا يشغلنا عنه شاغل ولا يصرفنا عنه صارف .
آلا إنها دعوة لأن نكون من أولياء الله المتقين ، وجنده المؤمنين { وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }
مع تحيات
saif-aldean